الثلاثاء، 3 يونيو 2008


مقصود( السعيد ) يتوسط مجموعة من أحبته

باعذرة أنت في القلب

باعذرة أنت في القلبْ

سرهات شكري الباعدري


سوف نزهوا اليوم بزهوة جديدة في أسلوب الكتابة بعيداًَ عن السياسة وكاهلها المتعّب حيث تشير الدراسات أن ألآغلبية الساحقة الذين يعملون في هذا المجال هم معرضون الى ألآصابة ببعض ألآمراض النفسية. وألآ ماهوتحليلكم للمجريات ألآنية في العالم من النكبات وعدم ألآستقرار هل..؟ بمقدورنا أن نبريء السياسة . وماذا نقول عن مجريات الساحة السياسية العراقية الجارية والملتهبة في يومنا هذا اليس هو الجنون بعينه. سوف نتحدث بعيداًَ عن ألآرهاب وقناعه المزيف وما جنته ألآنسانية من أفعاله الشنيعة، وبعيداًَ عن الطائفية المقيتة و التي جعلتنا بخفي حنين وجعلت من قابنا قوسين وأدنى منه وبعيدة عن الحقوق الغائبة والحاضرة
ًَولكن قريبة كلّ القرب من ذكريات الصّبا التي بقيت عالقة في الذهن حيث باتّ محوها صعب المنال بلّ قريبة
و يدور رحاها في عمق تراب تلك القرية التي أصبحت كالبؤبؤة في حدقات العيون، والودّ في صميم الفادي ذالك التراب الذي أصبح عبقّ رذاذه عالقاًَ في اعماق النفس وطبعت ذكراه وستبقى الى ألآبدّ.....!
باعذرة وما أدراكم ما الباعذرة..؟ ألآ وهي تلك الضيعة ألآبدية ألتي وردّ صيتها الاذع وكانت نقطة أنطلاق
وألآلتقاء لكثير من الرحالة والباحثين الذين حبذوا ألآرتواء بالمعلومة عن ألآيزيدية و مجدهم الغابر والتليد.
على الرغم من أن الرواية للغالبية منهم لمّ تروي بأدق التفاصيل وأوضح الصور عن هذه العقيدة السمحاء.
وبما أننا بصدد الذكريات عن هذه القرية حبذت هنا أن أنقل ما قاله الكاتب نبيل يونس دمان عن ذكريات الشاعر والقس يوسف هرمز عبيا في نهاية العقد الثاني من القرن المنصرم حيث يقول بأن القس عبيا كان مع وفداًَ من طلبة المعهد الكهنوتي في الموصل وكانوا في زيارة الى كلي لالش وسار الوفد من قرية النصيرية وبمحاذات باعذرة فطلب القس عبيا من مسؤول الوفد بأن يتعللوا بعض الوقت في قصر ألآمير على بك ألآ أنه أعتذر لضيق الوقت فسار الوفد الى كلي لالش وفي طريق العودة أصرّ القس عبيا بأن يأخذ وقتاًَ من القيلولة لدى ألآمير نتيجة الروابط المتينة بينهما وهنا يذكر الدمان بأن ألآمير قد أنقذ حياته من الجنود العثمانيين الذين جروا أذيال الغيبة والخسران في الحرب العالمية ألآولى وأفتكوا بالمسيحيين وألآيزيدين. فذهب القس والوفد الى قصر الامير وقد عاتبهم ألآمير وقال لهم لماذا خالفتم أصول الضيافة يا قسنا الفاضل حيث أتخذتم من ديارنا مساراًَ وطريق سفراًَ لكم ولم تزودوا بزادنا وترتؤن من ماءنا ضمئكم، فأجابه القس عذراًَ يا أيها ألآمير لقد كنا في زيارة الى من هو أكبر شأناًَ من مكانتك فهاج غضب ألآمير وقال للقس أنك مخطيء لا يوجد من هو أعلى مني مقاماًَ يذكروا هنا فأراد القس أن يهدئ من غضبه وأجابه بكل هدوء لقد كنا في زيارة الى شيخ عادي (ع)
وبعد أن سمع ألآمير أجابة القس أبتسم وقال أنك على حقاًَ وأمرهم بالمكوث لديه وشتان ما بين ألآمس واليوم.
ولكن واحصّرتاه.... لقد شاء القدر أن يفرقنا لآ بلْ أصّر أن يبعدنا عن ديارها عن طيبة أهلها وعن شجونها و أهاتها،عن مأسيها عن ذكريات الطفولة البريئة ،عن طبيعتها الغلابة، عن ربوعها اليانعة ،عن جداول مياهها العذبة عن نسيمها العليل الهاب من دهاليز ذالك الجبل الذي يحدها من طرفها الشمالي ،عن تلك التلال الخضراء اليانعة المزهوة بكسوتها الربيعية والمحتضنة لهذه القرية من جميع أطرافها لتبهج لناضرها الجمال الوهاج والطبيعة الساحرة و لكن وأسفاه....! لقد غيرت عوامل الطوبوغرافية معالمها مثلما بدلت (السيوثقافة) طيبته وعفوية أهلها ولم تعدّ مثلما كانت من ذي قبلّ.
يوم غداًَ تطلّ مناسبة زاهية على أبناء هذه القرية ألآ وهي مناسبة الطوافة التي حالها مثل مثيلتها من المناطق ألآيزيدية حيث يعم الفرح والبهجة بين أفراد القرية وتقدم الدعوات الرسمية الى ألآقارب وألآصدقاء.
وعندما يتسنى لنا غوض الغمار والدخول في أعطاء صورة واضحة عن هذه المناسبة. ليس بمقدورنا غض النظر عن الشخصية ألآسطورية التي كان له حضوراًَ منقطع النظير في هذه المناسبة وبأستطاعتنا الذهاب الى أبعدّ من ذالك ويستحق بكل فخر أن نطلق عليه سفير الطوافات أن جاز لنا التعبير بهذه الصفة المجازية حيث لا تخلوا أية مناسبة وألآ كان حضوره شاخصاًَ فيها. فشخصيتنا لم يكّن نائباًَ برلمانياًَ وكذالك لم يحالفه الحظ بأن يحمل بين جنباته حقيبة وزارية أيضاًَ سواء من النوع الكارتوني أو الحقيقي، فمن منا لا يتذكره في مخيلته الى يومنا هذا ولا تطربه تلك ألآغاني الفلكلورية التي كان يؤدها بصوته الشجي وما برحت ألآلحانه تراود سماعنا ومنها( كيلبدو، وسمر سمر، ومامر مامر)و غيرها من ألآغاني ألآ أنه لم يصل الى نجومية مايكل جاكسون ولا حتى الى شهرة كاظم الساهر،و بأستطاعة مخيلة منّ أن تفارق سيكارته التي لم تكن كوبية الصنع بل كان يلفه بنفسه و كانت رفيقته ألآبدية..! كان يؤدي التدريبات العسكرية على السلاح وخاصة في حركات التركيب والتنكيب على الرغم من أنه لم يكون جنرالاًَ وكان غير مسلحا،ًَ كان يهاب أمتطاء الحمير مثلما كان نابليون بونابرت يهاب من قاعة ألآمتحان كانت باعذرة من أحب المناطق قريبة من قلب المرحوم وكذالك محلة باب الطوب في الموصل حينما كان يجوب بين المناطق متجولاًَ وتصادفه نقطة تفتيش كان يبرز دفتر ورق سكائره الملفوفة بمثابة هويته الشخصية بلا أدنى شكْ أنكم تعرفتم عليه، أنه المجنون المحبوب مقصود وبرحيله
غطت منافذ ومداخل باعذرة بأعلامًَ سوداء داكنة وكتبت كلمات رثاء تيمناًَ برحيله .عذراًًََ يا صديقي لقد أطلقت عليك تسمية المجنون. فكم من الفلاسفة أيضاًَ من قبلك أطلقوا عليهم هذه الصفة ونالوا هذا التقدير ألآن أفكارهم كانت متناقضة مع واقع تلك المجتمعات وبعد حيناًَ كانوا هم العقلاء وسيبقى الجنون تمنياً للكثيريين لاحقا ..!